تكاد كل العلوم الإنسانية تصدُر عن علم الأصوات والسماع، حتى صارتْ حياتُنا اليومية متعلقةً بمجموعة هائلة ومعقدة من الأنظمة الفونولوجية، وارتبطتْ الشريعة بالأصوات في الجانب الروحي، وتعلقت الفلسفة بوجودية الإنسان الصائت، والأمن القومي بالنغم العرفي، وخبايا التطبيب بذبذبات الفونيمات، والاكتشافات الراهنة بالتطوير الصناعي الصوتي المرتبط بالأسلحة ونحوها، مع ما يكتنف الموضوعَ من ضرورة التجديد لاسيما في المعلومات الدخيلة التي تسربت إلى التراث الإسلامي حتى تسببت في تحريم الغناء. وتهدف الدراسة إلى تأريخية الجهود الإنسانية في علم الأصوات، وتحليل البعد الفلسفي في ارتباط الصوت بعلة الإيجاد ولزومية التشريع، والبرهنة على جدليات الميتافيزيقية الخاصة بعلم الأصوات، واستنباط ثلة من الأفكار التي يمكن توظيفها في عالم الثقافات أو السياسات الاجتماعية أو الاستعانة بها في توليد نظريات طبية ونفسية. ارتبطت الدراسة بمنهج التأصيل في شقيه الاستقرائي والتاريخي، وبالمنهج التحليلي في أبعاده النقدية والاستنباطية. واستنتج الباحث إمكانية توظيف علم الأصوات في بيان العلاقة بين الخالق والمخلوق، وتأصيل السلوكات الصوتية للإنسان، وربط هرمنيوطيقا الكلام بمقاصد الخطاب. كما أبرز صلته بالهوية الوطنية والأمن القومي، وإمكان الإفادة منه في التحليل النفسي وتصميم أجهزة قياس. ودعا إلى اعتماده في مساقات أكاديمية مشتركة بين الشعوب، وتفعيل العلاج الصوتي، وتخريج مختصين في هذا المجال، مع تصحيح المفاهيم المرتبطة بالموسيقى والغناء عبر خرائط ذهنية توضح التطور اللغوي والموسيقي والفلسفي لعلم الأصوات.

