اصطُنع مفهومُ الحاكمية جراء تراكماتٍ حركية للفكر الخارجي الذي أضحى مشكلةً عصريةَ تندلق مغبّاتُها بين الفينة والأخرى في البلدان التي تشهد التوتراتِ وأشكالٍ من الصراعات التي تتناقض مع مفهوم التعايش والإنسانية.

ويبدو أن الكتاباتِ في هذا الصدد لا تزال بحاجة إلى تحريرٍ ونقدٍ لاسيما بعد أن وقع كثيرُها في مصيدة الاقتناع بأن مفهوم الحاكمية مفهوم شرعي مقبول، بعكس التحقيق العلمي والتأصيل التاريخي الذي سلكتْه هذه الدراسةُ الموضوعية المفرزة لنقد هذا الموضوع، ونقض تبعاته، ونسف الشُّبه التي اعتصم بها الدواعشوالإخوان.

على أن ثمة فترة قد انتشر فيها هذا المفهوم، وانتشى سدنتُه، وتماشى مع الأغراض البراغماتية التي يتميز بها الطابع الإخواني أملًا من ساداتهم للوصول إلى سيادة العالم. وأنّى لهم ذلك مع وجود الفكر العميق، وإحياء سماحة الإسلام، والذود عن محاسنه، مما تسعى إليه العقول النيرة الكامنة في عدد من الجامعات، كجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية.

لذا جاءت هذه الدراسة التحليلية النقدية لتفكيك هذا المفهوم، وتحقيق اندراجه في الدخيل المخلّ بالمتوخى من وضع المصطلحات، إلى جانب كشف آثاره في الحقل التاريخي، ومآلاته في الواقع الحالي، مع التأصيل المعمّق المعتمد على السبر والتقسيم للمزالق اللغوية والشرعية والفكرية المسقطة لشبه مفكّري الخوارج والدواعش والإخوان. علاوة على الاستقراء المنهجي الذي تم توظيفه في هذه الرسالة للإلمام بالمآلات الدينية والاجتماعية والأخلاقية إثْر التنزيل لهذا المفهوم الدخيل.