يعالج الكتاب قضيةَ التسامح بوصفها قيمةً أصيلةً في النصوص الشرعية والتجربة الإنسانية. ويقدّم المؤلف تأصيلًا علميًّا لمفهوم التسامح في الإسلام عبر القرآن الكريم والسنة النبوية، ويبرز كيف شكّل هذا المبدأ قاعدةً للتعايش بين البشر على اختلاف أديانهم وأعراقهم، مع تفنيد الشبهات التي تحاول حصر الإسلام في منطق الصدام والرفض. ويمتاز الكتاب بجمعه بين الطرح النظري والتحليل التاريخي والواقعي، حيث يتناول أسس التسامح بين المسلمين أنفسهم، ثمّ يتوسّع في بيان أصول العلاقة مع غير المسلمين، مستعرضًا شواهد عمليّةً من التاريخ الإسلامي. كما يركّز على الضوابط التي تنظّم التسامح في الشريعة، ويعتمد في منهجه على الاستقراء والتحليل والنقد، مما يمنح الدراسة عمقًا علميًّا ورؤيةً متوازنةً. وتتوج الدراسة بعرض تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة الرائدة بوصفها نموذجًا حيًّا للتسامح المعاصر، حيث يبرز المؤلف دور الشيخ زايد رحمه الله ورؤيته التسامحيّة التي رسّخها وجعلها نهجًا مستدامًا، إلى جانب الثقافة المحلية، والبرامج الوطنية في ترسيخ قيم التعايش. وبهذا يشكّل الكتاب مرجعًا أكاديميًّا يجمع بين التأصيل الشرعي والتطبيق العملي، ويقدّم إضافةً نوعيّةً في ميدان دراسات التسامح والعيش المشترك.