تندرج هذه الدراسة ضمن أفق مشروع فكري نقدي واسع، يهدف إلى تأسيس أدوات معرفية متقدمة تتجاوز التبسيط التحليلي، وتتعمق في تفكيك البنى الرمزية التي تشكل أساس الخطاب لدى الجماعات الراديكالية. تسعى هذه الأدوات إلى كشف الآليات التي من خلالها تبرر تلك الجماعات ممارساتها باسم الدين، وما ينجم عنها من انحرافات تمس جوهر علاقة الإنسان بوطنه ومجتمعه.

تأتي هذه الدراسة كحلقة إضافية في سلسلة الجهود الرامية إلى تفكيك الخطاب الراديكالي، عبر تحليل تمفصلاته الأيديولوجية التي تمثل النواة الصلبة لتيارات الإسلام السياسي، على اختلاف توجهاتها التنظيمية ومساراتها الحركية. وقد اختصت الدراسة بتحليل الخطابات المرجعية التي تمنح الشرعية للممارسات العنيفة الموجهة ضد الدولة والمجتمع، حيث يتم استخدام الدين كغطاء لهذه الأفعال.

يتجه هذا البحث نحو مقاربة داخلية، من خلال تحليل البنية اللغوية التي تعيد إنتاج المفاهيم الدينية ضمن نسق تعبوي صدامي مغلق. ويكشف البحث عن الاستراتيجيات البلاغية التي يعاد من خلالها بناء المفاهيم، وتوجيه الإدراك، وتشكيل الوعي الجمعي. وتخلص الدراسة إلى أن الخطاب الراديكالي يتأسس على عنف لغوي ممنهج، يعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والدين، والفرد والجماعة، والجماعة والدولة، وفق هندسة فكرية مغلقة تستبطن التحريض باسم النص، وتصادر الشرعية من خارجها.