كتب الفيلسوف الإنجليزي وايتهيد، في إحدى محاضراته تحت عنوان: “السيرورة والواقع. محاولة في علم الكون”: “يكمن التوسيم العام الأشد موثوقية للتقليد الفلسفي الأوروبي في كون هذا التقليد عبارة عن سلسلة من الهوامش على أفلاطون. ولستَ تراني أقصد الخطاطة الفكرية النسقية التي لا شك في أن المتخصصين في فلسفة الرجل قد استنبطوها من كتاباته استنباطا، وإنما تجدني ألمِّح إلى غنى الأفكار العامة المبثوثة في هذه الكتابات”. وقد أتى باحث كندي أكد ألمحية وايتهيد وصدق حدسه. وها هو لويد جيرسون، فقد رأى أن على الفلسفة أن تكون أفلاطونية أو لا تكون، وأنها إِنْ هي ما عادت أفلاطونية المنزع ـ وذاك أمر ممتنع ـ فإن ذاك سيكون أمارة يُستدَل بها على انتحارها! ترى، لماذا يتعين على الفلسفة أن تكون، في روحها، أفلاطونية؟ ولماذا لا يمكن أن تمسي هي، على نحو ما يرومه بعض الفلاسفة المعاصرين، “نزعة طبيعية” معادية للروح الأفلاطونية؟ هذه الأسئلة وأسئلة أخرى نسيبة لها يحاول هذا الكتاب الإجابة عنها.